المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأعياد وعلاقتها بالعقائد والشرائع



زهرة البنفسج
11-21-2011, 10:02 PM
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.
وبعد..
العيد كما يقول أهل اللغة يطلق على المناسبة التي تعود وتتكرر على وجه معين، وفي وقت معتاد، وقد يكون سنوياً، أوشهرياً، أوأسبوعياً، وغالباً ما يكون مصحوباً بعبادات دينية، وعادات وتقاليد اجتماعية، فهو أمر تعبدي توقيفي، لا يجوز الزيادة فيه ولا النقصان منه.
والأعياد منها ما هو:
شرعي، وهي ثلاثة: هي عيد الفطر والأضحى السنويان، والجمعة الأسبوعي.
ومنها ما هو بدعي، نحو الموالد، والحوليات، والرجبية، وغيرها.
ومنها ما هو جاهلي.
ومنها ما هو صليبي وثني، وهكذا.
وأعياد الكفار تشمل كل يوم أومكان لهم فيه اجتماع، سواء كان مما نسخ في شرعهم أوابتدعوه وأحدثوه من جملة ما أحدثوه.
والأعياد من أخص ما تتميز به الشرائع، وتعتد به الأمم والشعوب، ومن أظهر ما لها من الشعائر، فهي من جملة الشرع، والمناهج، والمناسك، قال تعالى: "لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا"1.
ولهذا عندما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وكان لأهلها يومان يلعبون فيهما، قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله قد أبدلكم بهما خيراً، يوم الأضحى والفطر"2، وكان هذا من أوائل الأمور التي شرع في تغييرها.
هذا بالنسبة لأعياد المسلمين السنوية، أما عيد المسلمين الأسبوعي فهو الجمعة، إذ ليس للمسلمين عيد لا في الدنيا ولا في الآخرة سوى هذه الأعياد الثلاثة، حيث هدى الله هذه الأمة المرحومة إليه، وحرمت منه الأمتان اليهودية والنصرانية، فقد صح عنه أنه قال: "نحن الآخِرون، السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، وأوتيناه من بعدهم، فهذا يومهم الذي فرض الله عليهم فاختلفوا فيه، فهدانا الله له، فالناس لنا فيه تبع، اليهود غداً، والنصارى بعد غد".3
هذه الأعياد الثلاثة للمسلمين يحدث فيها من السرور، والبر، والإحسان، وصلة الأرحام والجيران الشيء الكثير، والنفع العميم، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
أما الكفار والمبتدعة على الرغم مما ابتدعوه من أعياد واخترعوه من مناسبات، كادت أن تغطي كل الشهور والأيام، نحو عيد الميلاد، وشم النسيم، وعيد الخميس، والنيروز، والمهرجان، وعيد الأم، والطفل، والعمال، والحب، والشجرة، والميلاد، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى نحو عيد الاستقلال، واليوم الوطني، فإن حياتهم تزداد يوماً بعد يوم تعاسة وشقاء، ولا أدل على ذلك من هذه الحروب والعداء، وتعاطي المسكرات والمخدرات، ليهربوا بها من واقعهم المرير ومستقبلهم القاتم، مما نتج عنه تفشي الانتحارات التي أصبحت سمة لمجتمعات الكفار.
الحمد لله الذي جعل أيام الطائعين كلها أعياداً وأفراحاً، وأعياد الكافرين كلها وبالاً وخبالاً عليهم وعلى من قلدهم فيها وتشبه بهم.
من الأمور التي عمت بها البلوى في هذا العصر وعظمت فيها المحنة تشبه طائفة من المسلمين بالكفار، المفضي إلى غضب الجبار، على الرغم من تحذير الشارع عن ذلك: "ومن تشبه بقوم فهو منهم"4، المؤدي إلى موالاتهم: "وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ"5.
والابتداع في دين الله ما لم يأذن به الله مع حكمه صلى الله عليه وسلم بأن المحدثات مردودة على أصحابها لا يقبل منهم صرفاً ولا عدلاً، أي لا فرضاً ولا نافلة: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"6، وفي رواية البخاري: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد".
لقد نهى الشارع الحكيم عن التشبه بالكفار، الكتابِيِّين والمشركين، القدماء منهم والمحدَثين، وأمر بمخالفتهم في مسائل عديدة، العلة في أكثرها مجرد المخالفة، إذ مخالفة الكفار دين وقربى.
بداية الصفحة
صور مشاركة الكفار في أعيادهم
من تلكم المجالات التي نهى الشارع الحكيم فيها الأمة من التشبه بالكفار الأعياد، لأنها إما أن تكون منسوخة أومبتدعة، ويشمل النهي المجالات الآتية على سبيل التمثيل لا الحصر:
1. الدخول معهم في كنائسهم في يوم عيدهم.
2. تهنئتهم بها.
3. أن يشاركهم المسلم في احتفالاتهم ويشاهد مهرجاناتهم.
4. أن يهدي لهم أو يقبل هداياهم في تلك الأعياد.
5. أن يبيع لهم ما يعينهم على تلك الاحتفالات.
6. أن يكري لهم سيارة، أومركبة، أومحلاً، أووسيلة من الوسائل.
7. أن يؤجر نفسه لتقديم خدمة لهم في تلك الأعياد.
8. أن يوسع على أهله وعياله في تلك الأعياد.
9. توزيع الحلوى وأطباق الطعام.
10. عليه أن يمنع من يعول من مشاركتهم لهم بأي صورة من الصور.
بداية الصفحة
الأدلة على ذلك
من القرآن
1. قوله تعالى: "وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ"7، وقوله: "وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ"8، فعن ابن سيرين: أن الزور هو "الشعانين"، وقال الربيع بن أنس: أنه أعياد المشركين، وعن عكرمة: هو لعب كان لهم في الجاهلية، وهذه الأقوال كلها متقاربة ذات مدلول واحد.
2. وقوله تعالى: "وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ"9، ولا شك أن مشاركة المسلمين لهم في أعيادهم بأي صورة من الصور فيها موالاة لهم.
3. "وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ"10، وليس هناك إثم وعدوان أكبر من إقرار الكفار على ذلك.
بداية الصفحة
من السنة والآثار
1. قوله صلى الله عليه وسلم: "ومن تشبه بقوم فهو منهم"11، وفي مشاركتهم في أعيادهم المنسوخة والمبتدعة تشبه بيِّن واضح.
2. "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: من"12.
3. وعن عمر رضي الله عنه قال: "إياكم ورطانة الأعاجم، وأن تدخلوا على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم"13 .
4. وقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله قد أبدلكما بهما خيراً منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر" الحديث وقد مر.
5. روى أبو داود عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه: "أن رجلاً نذر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر بلابِبُوانة14، فقال: هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا: لا؛ قال: هل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوفِ بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم".15
6. قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: "يا أبا بكر إن لكل قوم عيداً، وهذا عيدنا"16، وهذا الحديث يقتضي حصر أعياد المسلمين فيما شرع لنا.
7. وعن عتبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام منى عيد لنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب"17، فدل على أن ما سوى ذلك ليس من أعيادنا ولا شأن لنا بها.
8. ما روته أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم يوم السبت ويوم الأحد أكثر ما يصوم من الأيام، ويقول: "إنهما عيد للمشركين، فأنا أحب أن أخالفهم"18، وهذا نص صريح في مخالفة أهل الكتاب.
9. وعن ابن عمرو رضي الله عنهما قال: "من بنى ببلاد الأعاجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم".19
10. وعن عمر رضي الله عنه: "اجتنبوا أعداء الله في عيدهم".20
11. وذكر البيهقي بإسناد صحيح في باب كراهية الدخول على أهل الذمة في كنائسهم والتشبه بهم يوم نيروزهم ومهرجانهم عن سفيان الثوري، عن ثور بن يزيد، عن عطاء بن دينار قال: قال عمر رضي الله عنه: "لا تعلموا رطانة الأعاجم، ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم، فإن السخطة تنزل عليهم".
بداية الصفحة
أقوال العلماء في ذلك
1. قال عبد الملك بن حبيب: سئل ابن القاسم عن الركوب في السفن التي تركب فيها النصارى إلى أعيادهم، فكره ذلك مخافة نزول السخطة عليهم بشركهم الذي اجتمعوا عليه.
2. وكره ابن القاسم للمسلم أن يهدي إلى النصراني في عيده مكافأة له، ورآه من تعظيم عيده، وعوناً على كفره.
3. وقال أبو الحسن الآمدي: لا يجوز شهود أعياد النصارى واليهود، نص عليه أحمد في رواية مُهَنَّا.
4. وقال الخلال في "الجامع" باب كراهية خروج المسلمين في أعياد المشركين: وذكر عن مُهَنَّا قال: سألت أحمد عن شهود هذه الأعياد التي تكون عندنا بالشام، مثل دير أيوب، وأشباهه يشهده المسلمون؟ يشهدون الأسواق ويجلبون فيه الضحية، والبقر، والبر، والدقيق، وغير ذلك، يكونون في الأسواق ولا يدخلون عليهم بيعهم؟ قال: إذا لم يدخلوا عليهم بيعهم وإنما يشهدون السوق فلا بأس.
5. وقال ابن القيم21: وفي كتب أصحاب أبي حنيفة: من أهدى لهم يوم عيدهم بطيخة بقصد تعظيم العيد فقد كفر.
6. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ولا ريب أن الموافقة في هذه الأعياد قد تنتهي إلى الكفر في الجملة بشروط، وأما مبدؤها فأقل أحواله أن يكون معصية، وهذا أقبح من مشاركتهم في لبس "الزنار" من علاماتهم، لأن تلك العلامات وضعية ليست من الدين، وإنما الغرض منها مجرد التمييز بين المسلم والكافر.
وأما العيد وتوابعه فإنه من الدين الملعون هو وأهله، فالموافقة فيه موافقة فيما يتميزون به من أسباب سخط الله وعقابه).22
7. وقال ابن القيم: (وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم، وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أوتهنأ بهذا العيد، أونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثماً عند الله، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر، وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام، ونحوه.
وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية، أوبدعة، أوكفر، فقد تعرض لمقت الله وسخطه.
وقد كان أهل الورع من أهل العلم يتجنبون تهنئة الظلمة بالولايات، وتهنئة الجهال بمنصب القضاء والتدريس والإفتاء، تجنباً لمقت الله، وسقوطهم من عينه، وإن بلي الرجل بذلك فتعاطاه دفعاً لشر يتوقعه منهم، فمشى إليهم ولم يقل إلا خيراً، ودعا لهم بالتوفيق والتسديد فلا بأس بذلك، وبالله التوفيق).23
بداية الصفحة
الإجماع
لهذا أجمعت الأمة على حرمة ذلك، والأمة لا تجتمع على ضلالة.
بداية الصفحة
فتاوى
1. أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية بالنهي عن ذلك في الفتوى رقم [8848] بما نصه: (لا تجوز مشاركة النصارى في أعيادهم، ولو شاركهم فيها من ينتسب إلى العلم، لما في ذلك من تكثير عددهم والإعانة على الإثم، قال تعالى: "وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ"24).
2. فتوى الشيخ العثيمين25 رحمه الله، وقد سئل عن حكم مشاركة المسلم للمسيحيين في أعيادهم المعروفة "الكريسماس"، فقال: (بسم الله، تهنئة الكفار بعيد "الكريسماس" أوغيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق، كما نقل ذلك ابن القيم رحمه الله في كتابه "أحكام أهل الذمة").
ثم علل لهذه الحرمة بالآتي:
لما فيها من إقرارهم على ما هم عليه من شعائر الكفر والرضى به.
هذه الأعياد إما منسوخة وإما مبتدعة.
لما في ذلك من التشبه بهم.
ثم ختم فتواه بأن فاعل ذلك آثم وإن فعل ذلك تودداً، أوحياءً، أومجاملة، أولغير ذلك.
بداية الصفحة
مشاركة المسلم للكفار في أعيادهم المنسوخة والمبتدعة فيه من المضار ما الله به عليم
على سبيل المثال:
إقرارهم على باطلهم.
تعظيم هذه المناسبات الوثنية الممقوتة.
مداهنة الكفار، وفي ذلك تقوية لهم وتثبيتاً لهم على باطلهم.
خوف نزول السخطة عليهم وعلى من شاركهم في ذلك.
تكثير سواد الكفار.
تعظيم البلية بمشاركة بعض المنتسبين إلى العلم.
رعاية الدولة لهذه الاحتفالات، وتنظيمها لهم، ومشاركة بعض المسؤولين في ذلك، وحمايتها من الطوام العظام، لأن الواجب في حقها منع ذلك، والحيلولة دون حدوثه وإعلانه.
اتخاذ هذه الأعياد عطلة رسمية للدولة والعاملين.
المشابهة في الظاهر قد تؤدي إلى ائتلاف واتفاق بمرور الزمن.
عجباً للمسلمين، بدلاً من أن ينتهوا عن مشاركة الكفار والجاهليين في أعيادهم واحتفالاتهم شرعوا يقلدونهم ويتشبهون بهم في ابتداع وإحداث أعياد ومناسبات ما أنزل الله بها من سلطان، ولم تؤثر عن علم من الأعلام المقتدى بهم، نحو:
عيد الاستقلال.
اليوم الوطني.
الاحتفال ببعض المناسبات الدينية: أول السنة الهجرية، الرجبية، غزوة بدر، ونحو ذلك.
الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم أسبوعياً وسنوياً.
الاحتفال بأعياد ميلاد الكبار والصغار.
بداية الصفحة
الخلاصة
أولاً: الأعياد من العبادات الدينية والشعائر التعبدية، ولهذا لا يجوز أن يُزاد على ما شرعه لنا رسول الهدى.
ثانياً: مشاركة المسلم الكفار في أعيادهم لا تحل أبداً بأي صورة من الصور، ومهما كان الدافع لذلك.
ثالثاً: أقل درجات مشاركة المسلم للكفار في أعيادهم الدينية الحرمة.
رابعاً: قد تنتهي المشاركة والموافقة في تلك الأعياد إلى الكفر في الجملة، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية.
خامساً: أن الاهتمام بأعياد الكفار والأعياد البدعية تقلل من شأن وأهمية ومكانة الأعياد الشرعية، فالبدع لا تقوم إلا على أنقاض السنن.
سادساً: وفي ذلك من الضرر والمضاهاة لشرع محمد صلى الله عليه وسلم ما فيه.
سابعاً: سكوت أهل العلم عن خطورة مشاركة المسلمين للكفار في أعيادهم هو الذي ضلل كثيراً من الناس، ومكن لتلك الاحتفالات، وأدى إلى إشاعتها بين عامة المسلمين.
والله أسأل أن يردنا وجميع إخواننا المسلمين إليه رداً جميلاً، وأن يعزنا بالإسلام، ولا يذلنا بالتشبه والاقتداء بأعداء الرحمن، أولياء الشيطان، وصلى الله وسلم على محمد، وعلى آله، وأصحابه، والتابعين الكرام.

نسيبة
11-23-2011, 04:31 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اللهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين و لا مضلين
بارك الله فيك و جزاك خيري الدارين